مجلة الثانوية - مجلة علمية، ثقافية وأدبية
تصدر شهريا من طرف ثانوية الشهداء الاخوة خضراوي، زريبة الوادي
مجلة الثانوية - مجلة علمية، ثقافية وأدبية
تصدر شهريا من طرف ثانوية الشهداء الاخوة خضراوي، زريبة الوادي
في قلب الجزائر، حيث تمتد الجبال الشامخة وتلامس الرمال الصحراوية السماء، كان هناك شعبٌ يرزح تحت نير الاحتلال الفرنسي. شعبٌ عاش تحت وطأة القهر، لكنه لم ينكسر، وكان في قلبه سرٌ صغير، لا تراه العيون لكنه يضيء الأفق: بذرة الأمل التي بدأت تنمو، لتصبح أقوى من أي قوة احتلال.
بينما كان الواقع يقسو على الجزائريين، كان هناك عالم آخر يعيش في ظلال الجبال والسهول. عالمٌ يخفي في طياته أسرارًا قديمة، وقدرة على المقاومة أقوى من أي سلاح. هناك حيث يلتقي الواقع بالخيال، كان التاريخ يُكتب من جديد.
في أحد القرى الجبلية الهادئة، كان هناك شاب يُدعى يوسف. كان يوسف ليس فقط شجاعًا، بل كان يشعر دائمًا أن هناك شيئًا خارقًا يربطه بالأرض الجزائرية. كان كلما سار في الجبال، يسمع همسات الرياح التي تتحدث بلغة لا يفهمها، وكأنها تحمل معه رسائل من الزمن القديم.
في إحدى الليالي، كان يوسف جالسًا بجانب نار صغيرة، عندما أخبره جده، الشيخ محمود، بحكاية غريبة. قال له: “في أعماق هذه الأرض، هناك كائنات قديمة، حراس الأمل في الجزائر. كلما ضاقت الحياة على شعبنا، تظهر هذه الكائنات لتعيد للأرض قوتها وتزرع فيها بذور الحرية. لن تكون وحدك يا بني. أولئك الذين يؤمنون بالحرية سيقودهم القدر إلى المعركة الكبرى.”
لكن يوسف لم يكن يعلم أن هذه الكلمات هي بداية لرحلة لم يتخيلها. في تلك الليلة، حمل الرياح معها شيئًا غريبًا، كان يشبه وميض ضوء أخضر في السماء، وعندما نظر يوسف إلى السماء، شعر أن العالم بأسره بدأ يتغير.
في العاصمة، حيث كان الاحتلال الفرنسي يفرض قبضته الحديدية على الجميع، التقى يوسف بمجموعة من الثوار الذين كانوا يتجمعون في الظلام. لم يكن مجرد تجمعًا عاديًا، بل كان هناك شيئًا غير مرئي يحيط بهم، شيءٌ غريب، ربما قوة غير مرئية كانت تحرسهم وتوجههم.
بينهم كان محمد، الرجل المسن الذي كان يبدو كأنه يحمل في قلبه أسرار العالم. قال محمد ليوسف: “لقد حان الوقت، يا بني. نحن لا نقاتل فقط بالأسلحة، بل بأشياء أقوى. لدينا حراس الأرض، أولئك الذين سيظهرون وقت الحاجة. ولكن علينا أن نؤمن بأننا أقوى من أي شيء. هل تسمع الرياح؟ إنها تتحدث، إنها تدعونا للتحرك.”
ومع تلك الكلمات، شعر يوسف أن هناك قوة غير مرئية تحيط بهم، وكأن الأجداد الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الجزائر كانوا يراقبونهم من بعيد، ويعطونهم القوة التي لا يمكن أن تُهزم.
قررت المجموعة أن تكون البداية، وكان يوسف في قلب تلك الثورة. لكن أول عملية هجومية ضد الفرنسيين لم تكن عادية. قبل تنفيذ الهجوم على إحدى القواعد العسكرية الفرنسية، كان هناك شعاع ضوء غريب، يتقاطع مع الظلام، يتنقل بسرعة عبر الصحراء، ويملأ المكان بطاقة لم يعرفها يوسف من قبل. كان ذلك بمثابة رسالة من “حراس الأرض” الذين يراقبونهم.
كانت القنبلة الأولى التي ألقيت في وسط المدينة، مثل صاعقة في قلب الظلام. ولكن ما حدث بعد ذلك كان أعظم من أي معركة، فقد ظهر شبح ضوء أخضر، ينبعث من الأرض حيث كانت القنبلة قد انفجرت. كان هذا الضوء يوجه الثوار، ويجعلهم يشعرون أنهم ليسوا وحدهم، وأن الأرض التي يقاتلون من أجلها تقف إلى جانبهم.
هذه كانت الشرارة التي أشعلت الثورة.
مرت السنوات، وانتشرت الثورة في كل زاوية من الجزائر، من الجبال إلى الصحراء، من المدن إلى القرى. كان يوسف قد أصبح قائدًا مهمًا في الجيش الوطني الشعبي. وفي أحد الأيام، بينما كانوا في معركة شرسة في قلب الأطلس، حدث شيء غريب: الجبال نفسها اهتزت، وكأنها تهمس لأبطال الثورة بأن النصر أصبح قريبًا.
في وسط تلك المعركة، كان يوسف يرى أشياء غير حقيقية: أشباح أجداده الذين قاتلوا من أجل الجزائر في الماضي، كانوا يظهرون ويختفون، يشجعونه ويمنحونه شجاعة لا توصف. وفي اللحظات العصيبة، كان يوسف يشعر أن الطبيعة نفسها تقف إلى جانبهم، وكأنها كانت تمنحهم الطاقة اللازمة لمواصلة القتال.
وأخيرًا، جاء اليوم الذي طال انتظاره. كانت الجزائر قد انتفضت من جديد. في ليلة ساحرة، بينما كانت النجوم تلمع في السماء، وصل الخبر إلى الثوار: فرنسا قد قررت الانسحاب. كان هذا النصر أكبر من أن يُصدق، ولكنه تحقق.
في ذلك المساء، بينما كان يوسف واقفًا على قمة جبل، يراقب الأفق، شعر بشيء غريب، وكأن الرياح تأتي من الماضي لتهمس له: “لقد حررت أرضك، يا يوسف، لكن المعركة الحقيقية لم تنتهِ بعد.“
وفي تلك اللحظة، كان يوسف يدرك أن الثورة لم تكن مجرد معركة ضد الاحتلال، بل كانت معركة ضد اليأس. الجزائر قد ولدت من جديد، أرضٌ من الأبطال، أرضٌ تمتزج فيها الحقيقة بالخيال، حيث الأجداد و الأبطال و حراس الأرض يعيشون معًا في كل زاوية.