مجلة الثانوية - مجلة علمية، ثقافية وأدبية
تصدر شهريا من طرف ثانوية الشهداء الاخوة خضراوي، زريبة الوادي
مجلة الثانوية - مجلة علمية، ثقافية وأدبية
تصدر شهريا من طرف ثانوية الشهداء الاخوة خضراوي، زريبة الوادي
في أعماق الصحراء الكبرى، حيث تمتد الرمال الذهبية بلا نهاية وتحتفظ الشمس بسرها القديم، يعيش مخلوق صغير بآذان ضخمة وأعين لامعة، يبدو كأنه أسطورة حية بين الكثبان. إنه الفنك، ملك الصحراء الصغير ، ذلك الكائن الرقيق الذي لا يشبه سواه، ويعد من أكثر المخلوقات إثارة في عالم الحيوانات البرية.
الفنك ليس مجرد ثعلب صغير، بل هو بطل حقيقي في عالم التكيف مع قسوة الحياة. هل تعلم أن أذنه يمكن أن تصل إلى 15 سنتيمترًا؟ نعم، تلك الآذان العملاقة ليست مجرد وسيلة سماع مذهلة، بل هي جهاز تبريد طبيعي! فعندما يعصف حر الصحراء، تساعد أذناه الكبيرتان في طرد الحرارة من جسمه، مما يجعل من الفنك أحد أذكى المخلوقات في التعامل مع البيئة الصحراوية.
وبينما يكتفي الكثيرون من سكان الصحراء بالصمود أو الانسحاب، يختار الفنك التكيف. فراءه الناعم والخفيف بلون الرمال، يحميه من حرارة الشمس القاسية في النهار وبرودة الليل الشديدة. وبدلاً من التسلل وراء الصخور، يبني لنفسه بيتًا تحت الأرض يحميه من لهيب النهار.
يعيش الفنك في بيئة تتميز بدرجات حرارة مرتفعة، حيث تصل الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية في بعض الأحيان. لكن الفنك لا يتأثر بسهولة بهذه الظروف. فرائه الكثيف والمصمم خصيصًا يساعده على عزل نفسه عن الحرارة المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم آذانه الكبيرة في تبريد جسمه، إذ تعمل كوسيلة لتبديد الحرارة، مما يساعده في تقليل درجة حرارته الداخلية.
تحتوي صحراء الجزائر الكبرى على درجات حرارة شديدة في النهار، مما يجعل العديد من الحيوانات غير قادرة على البقاء في هذه الظروف. لكن الفنك يتجنب هذه الحرارة عن طريق حفر جحور تحت الأرض، حيث يمكنه الاختباء في النهار والظهور في الليل عندما تنخفض درجات الحرارة. هذه الجحور لا تحميه فقط من حرارة الشمس، بل أيضًا من الحيوانات المفترسة.
من أروع ميزات الفنك قدرته على العيش في الصحراء القاحلة حيث لا توجد مياه. وعلى الرغم من عدم وجود مصدر مياه قريب، يستطيع الفنك البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة بفضل نظامه الغذائي الذي يزوده بكميات كافية من الرطوبة. فهو يتغذى على الحشرات، والقوارض الصغيرة، وبعض النباتات الصحراوية، مما يمنحه ما يكفي من السوائل لتلبية احتياجاته.
الفنك هو كائن ليلي، ويفضل الخروج في الليل للصيد والبحث عن طعامه. حيث تزداد فرصة العثور على فرائس مثل الحشرات الصغيرة، والقوارض، والطيور في ساعات الليل. بالإضافة إلى ذلك، يساعده لونه الذي يتناسب مع بيئته الصحراوية في التخفي والانقضاض على فريسته دون أن تراه.
آذان الفنك الكبيرة ليست فقط للمساعدة في تبديد الحرارة، بل أيضًا تساهم في قدرته الكبيرة على السمع. حيث يمكنه اكتشاف أصوات ضعيفة من فريسته تحت الرمال أو في أماكن اختبائها. تساعده هذه الحاسة في تحديد مكان الطعام أو في معرفة اقتراب أي تهديد من المفترسات.