مجلة الثانوية - مجلة علمية، ثقافية وأدبية
تصدر شهريا من طرف ثانوية الشهداء الاخوة خضراوي، زريبة الوادي
مجلة الثانوية - مجلة علمية، ثقافية وأدبية
تصدر شهريا من طرف ثانوية الشهداء الاخوة خضراوي، زريبة الوادي
تخيل أنك تتحدث مع جهاز يفهمك، يجيب على أسئلتك، يقدم لك النصائح، بل ويتنبأ بما تريده قبل أن تطلبه! كيف يمكن لجهاز بدون مشاعر أو عقل حقيقي أن يتفاعل معك بهذه الطريقة؟ هل الذكاء الاصطناعي مجرد كومة من الأوامر المبرمجة، أم أنه قد أصبح أقرب إلى التفكير والإبداع الحقيقي؟ في هذا المقال، سنخوض رحلة مثيرة داخل عقل الآلة الذكية؛ سنكشف كيف يتعلم، كيف يحلل الأوامر، كيف يولّد إجابات تشبه حديث البشر.
تبدأ من لحظة كتابة السؤال، ونرى كيف يتدرج الذكاء الاصطناعي بخطوات ساحرة ومعقدة لتحويله إلى إجابة مثيرة!
صورة تعبيرية (غير واقعية) عن الذكاء الاصطناعي
قبل أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من الإجابة، يمر بمرحلة تدريبية طويلة. تخيل أن تُعلّم طفلاً كيف يميز بين الأشياء؛ ستعطيه مئات الصور والأمثلة، ليتعلم من خلالها، وهذا بالضبط ما يحدث في تدريب الذكاء الاصطناعي. يُزوّد الذكاء الاصطناعي بكميات هائلة من البيانات – آلاف النصوص، الصور، المعلومات، والأبحاث – ليكتشف الأنماط المتكررة ويستخلص منها معلومات مهمة. فكلما زاد عدد البيانات، أصبحت الآلة أذكى.
بعد حصول الذكاء الاصطناعي على كمية هائلة من المعلومات، يبدأ بتحليل الأنماط بينها. على سبيل المثال، إذا كان التدريب يشمل موضوع “الطيور”، سيتعلم أن كلمة “طائر” ترتبط بمفاهيم مثل “أجنحة”، “ريش”، و”تحليق”. هذا التعلم يتم من خلال نظام يُسمى التعلم العميق، الذي يعتمد على نموذج مستوحى من شبكات الدماغ البشري، حيث يتمكن الذكاء الاصطناعي من فهم الطبقات المتعددة من المعلومات بالتدريج ليصبح “أعمق” في تحليلها.
بعد تحليل الأنماط، يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى فهم لغة البشر حتى يتواصل معنا. وهنا يأتي دور تحليل اللغة الطبيعية، حيث تتعلم الآلــــــــة قــــــراءة الكلــــــــمات وفهم سياقها، بحيث تستطيع استيعاب الأسئلة والإجابة عليها بشكل سليم. على سبيل المثال، لو كتبت “ما هو أطول نهر في العالم؟”، سيقوم الذكاء الاصطناعي بتفكيك السؤال إلى أجزاء لفهم ما تبحث عنه، وسيفهم أنك تسأل عن “نهر”، وتريد معرفة “الأطول”.
عندما يستقبل الذكاء الاصطناعي السؤال، يبدأ في تحديد السياق: هل السؤال علمي؟ أم هو متعلق بالمعلومات العامة؟ أم يتطلب نصيحة حياتية؟ بعد أن يحدد السياق، يبحث في قاعدة بياناته الضخمة عن المعلومات التي تناسب السؤال. وفي حالة الأسئلة التي تتطلب تفسيرات، يعتمد الذكاء الاصطناعي على أنماط اللغة التي تعلمها سابقًا ليقدم إجابة دقيقة وسهلة الفهم.
بعد العثور على المعلومات المناسبة، يأتي دور صياغة الإجابة. يحوّل الذكاء الاصطناعي المعلومات المعقدة إلى جمل سلسة ومرتبة، كأنه يحادثك بشكل طبيعي. فإذا سألته، مثلًا، “ما هي مراحل القمر؟”، سيجمع المعلومات ويصيغها كأنك تتحدث إلى شخص يفهمك جيدًا، ويعطيك إجابة على هيئة جمل بسيطة توضح لك مراحل القمر من الهلال إلى البدر.
إذا طلبت توضيحًا إضافيًا أو كررت السؤال بطريقة مختلفة، فإن الذكاء الاصطناعي لا يعيد الإجابة بنفس الشكل، بل يتعلم من الحوار ويعدّل جوابه ليكون أكثر دقة. فكلما تفاعلت معه، يصبح أفضل في فهم حاجاتك ويعطيك تفاصيل أدق بناءً على أسئلتك المتكررة.
“الذكاء الاصطناعي ليس فقط للإجابة على أسئلتنا، بل هو بوابة لاكتشاف إمكانيات جديدة لتحسين حياتنا وفهم العالم بشكل أعمق.”